حكايات الاطفال
تعتبر حكايات الاطفال وسيلة بسيطة وسلسلة لتربية الصغار على قيم تربوية مثلى هادفة، يستخدمها الآباء كوسيلة لغرس القيم التربوية الأخلاقية، كما أن الصغار يستمتعون عند قراءة حكايات الاطفال على مسامعهم، ولتلك القصص أهمية كبيرة في توسيع أذهان الصغار وتعزيز قدرتهم على التخيل والتصور.
تمتاز حكيات الاطفال أن لها العديد من الفوائد التي لا تعد ولا تحصى، فبالقصص دائما ما ينتصر الخير على الشر في النهاية وبذلك يترسخ في عقل الطفل حبه دوما للخير المنتصر وبغضه للشر والبعد عنه، دائما ما يحاول الطفل تقليد أبطال القصة في أفعالهم وأقوالهم، لذلك يكون من السهل أن يتعلم الطفل كل القيم التي يرغب الآباء في تعليمها لهم من خلال انتقاء القصة المناسبة، وفي هذا المقال نقدم لكم حكايات الاطفال الممتعة والمفيدة في مقال واحد.
بائعة الثقاب
حكى أنه في يوم من الأيام كانت هناك فتاة في غاية الجمال والحسن، ذات ضفائر طويلة ذهبية اللون، وفي ليلة رأس السنة أجبرت الفتاة على الخروج لبيع الثقاب، وفي هذه اللية كانت الثلوج تتساقط وتغطي المكان بأسره، ولا يوجد بشر يتحمل شدة البرودة، ولكن بالرغم من كل ذلك حاولت الفتاة الصمود في هذه البرودة والثلوج تتساقط فوق رأسها، وقد كانت فاقدة لحذائها، وبالتالي لا يوجد شيء يغطي رأسها ولا شيء يحمي أقدامها. كانت الفتاة جائعة للغاية، كما كان يرتجف جسدها بالكامل، وبالرغم من كل ما كانت تشعر به هذه الصغيرة إلا أنها كانت في أشد الخوف من أن تعود للمنزل خوفا من والدها الذي أمرها بألا تعود مطلقا حتى تبيع كامل الثقاب التي بحوزتها، تباطأت خطواتها في الجليد، ولم تعد تستطيع ولا تحتمل خطوة واحدة بعد، فآوت نفسها تحت حائط وشرعت في إشعال الثقاب لتدفئة نفسها من شدة البرد، وكلما أشعلت عودا تذكرت في نفسها ماذا فاعل بها والدها، ولكن البرودة كانت تشتد عليها، وكلما أشعلت عودا شعرت بالدفء وكلما انطفأ العود تذهب معه كل آمالها؛ حلمت الفتاة بمائدة طعام مليئة بأشهى وألذ المأكولات، حلمت باحتضان العائلة والدفء والحنان، ولكن كل ذلك كان يذهب مع أول ريح تطفئ عود الثقاب. استمرت الفتاة على هذه الحالة، كانت ترتعب من شدة الظلام ومن شدة البرودة التي تملأ الجو من حولها، في إحدى المرات عندما أشعلت عود الثقاب تذكرت جدتها المتوفية الجانب الوحيد الذي كانت تجد به الحنان والاهتمام والرعاية، وما إن اقتربت الفتاة لتمسك بيد جدتها حتى انطفأ من جديد العود وذهبت معه جدتها، ولكن الفتاة كانت مصرة على لقاء جدتها والارتماء بحضنها لتشعر بقليل من الأمان والذي قد افتقدته في عيون كل البشر الموجودين من حولها، فقامت على الفور الفتاة بإشعال عود ثقاب آخر لتجد جدتها ماثلة أمامها بعينين تملأها الدموع. كانت الفتاة في منتهى السعادة لرؤيتها لجدتها الحنون، جرت الفتاة بكل قوتها لترتمي بأحضان جدتها وتتوسل إليها أن تأخذها معها للعالم الذي رحلت إليه، وأسرعت في طلبها خوفا من انطفاء عود الثقاب واختفاء جدتها معه، فطمأنتها جدتها واحتضنتها فذهب جوع وعطش الفتاة والارتجاف التي كانت تشعر به من شدة البرد، حيث أن جدتها أخذتها معها للسماء لتعيش الفتاة في سعادة أبدية مودعة قسوة كل العالم وظلمه؛ وفي الصباح الباكر التف الناس حول جثتها وقد كانت متجمدة من الثلج، وكانت أعواد الثقاب تعج المكان من حولها دلالة على استعمالها لها كاملة لتدفئة حالها من شدة الصقيع، ولكن كل الثقاب التي كانت معها بكثرة أعدادها لم تمنع عنها شدة البرد وهطول الثلج. لقد عانت الفتاة المسكينة طوال الليل ولم تجد قلبا رحيما يأخذ بيدها ويدخلها منزله، ويؤمن لها الحماية من الثلج الذ داوم طيلة الليل يتساقط على جسدها الهزيل، لقد كانت مثل الملاك ولكن ظلم والدها وصمت والدتها كان سببا في فقدانها لحياتها الثمينة، رحلت الفتاة الصغيرة عن العالم وصعدت روحها البريئة للسماء معلنة عن انتهاء كل معاناتها، حزن الجميع على موت الفتاة الصغيرة الجميلة وبالمسئولية تجاهها، ولكن كيف للندم والحزن أن يفيد صاحبه بعد فوات الأوان.
الفتاة الصغيرة والمزمار
جلست الجدة سعاد تقرأ في كتابها المفضل ، وكانت سعيدة جدا مستمتعة بما تقرأ ، وهنا دخلت حفيدتها الصغيرة سلمى ، وكانت تمسك بين يديها مزمار وتحاول النفخ فيه ، ويخرج اصوات جميلة ورائعة ، نظر لها الجدة سعاد وقالت ما اجمل مزمارك يا سلمى ، من احضر لك المزمار؟ ردت الصغيرة بفرح قائلة ، لقد احضره لي أبي يا جدتي هو عائد من العمل ، لقد صنعته لي ابنة صديقة عم ماجد ، عندما كانت في الريف في زيارة عمتها ، ولقد احضرته لي ، انظري كم هو جميل ورائع هذا الشيء ، ردت الجدة انه حقا جميل جدا يا صغيرتي ، وهل شكرت صديقتك وقلت لها شكرا ، قالت الطفلة نعم يا جدتي لقد شكرتها ، ولكن كيف صنعت ذلك الشيء يا جدتي اخبريني؟ ضحكت الجدة سعاد وقالت ، لقد صنعته من البوص يا سلمى وهو منتشر على المصارف والترع في الريف ، يا بنتى وهو عبارة عن بعض النباتات عندما تجف ويصنعون منه اشياء كثيرة ومفيدة ، فكرت الطفلة وقالت ، ولكن من الذي اخترع هذا الشيء الجميل قالت الجدة لقد كانت طفلة صغيرة مثلك يا سلمى ، ردت الفتاة وقالت هل تحكين لي قصتها ، قالت الجدة اجلسي سوف احكي لك القصة فهى قصة جميلة وشيقة جدا ومسلية. كان يا ما كان في قديم الزمان كانت هناك طفلة صغيرة جدا ، كانت الفتاة تلعب على ضفة الترعة القريبة من منزلها في قريتيها الريفية الجميلة ، وعلى ضفة الترعة كان ينمو نبات البوص الطويل ، وأخذت الطفله الصغيرة بوصة من على جوانب الترعة ، ووضعت الطفلة البوصة في فمها ، ونفخت فيها بقوة ، وهنا خرج من البوص صوت جميل وصفير جميل ، أعجب الطفلة. فكرت الطفلة الصغيرة وهي تقول لنفسها ، إن الصفير جميل جدا ، ولكن لماذا له نغمه واحدة ، فكرت وقالت ربما نغمة واحدة لان ليس هناك في البوصة سوى ثقب واحد فقط ، قامت الطفلة الصغيرة و صنعت عدة ثقوب في البوصة بحماس كبير وهي تضحك بسعادة ، حتى تخرج منها أنغام كثيرة ، واخذت الطفلة تعزف على البوصة بعدها ، واخذت تضع اصابعها على الثقوب فتخرج أنغام كثيرة جميلة جدا ورائعة ، أعجب أصحابها ، وانشرت لعبة و فكرة الطفلة في القرية كلها ، واصبحت البوصة تسمى ” الناى”.
الاناء السحري واهل القرية
يحكي أن في قديم الزمان كانت هناك قرية فقيرة جداً في دولة الهند، وفي يوم من الايام نزل احد الحكماء الي هذه القرية وقد كان جائعاً متعباً من طول الطريق وصعوبته، وقد عرف هذا الرجل بحكم خبرته وتجاربه أن هذه القرية شديدة الفقر من خلال شكل منازل اهلها التي علي شكل اكواخ صغيرة بسيطة، اقترب الحكيم من احد الاكواخ وطرق الباب وعندما فتح له صاحب الكوخ طلب منه بعض الطعام والشراب، فنظر إليه صاحب الكوخ قائلاً : ليس لدي ما يمكنني ان اعطيه لك من الطعام او الشراب فأنا محتاج إلي ما عندي كثيراً واذهب الي حال سبيلك. استمر الحكيم في سيره ثم طرق الباب علي كوخ آخر فكان رد صاحب الكوخ الثاني مثل الاول حيث قال له : ليس عندى ما استغنى عنه لك فإن لدي زوجة واولاد ولا يمكنني ان اعطيك من طعامهم شيئاً . طرق الحكيم باب الكوخ الثالث وقد كانت صاحبته امرأة، وجد الرجل اطفالها يلعبون بالداخل فسألها القليل من الطعام والشراب، قال له المرأة : كيف يمكنني ان اعطيك طعاماً وانا بالكاد استطيع ان اطعم صغاري، شعر الحكيم ان المرأة العجوز تريد مساعدته ولكنها عاجزة قليلة الحيلة فسألها إن كان لدينا اناء طبخ فأجابته المرأة نعم ثم احضرت قدر كبير. قال الحكيم للمرأة : إن لدي حجراً سحرياً سوف اقوم الآن بوضعه في الماء المغلي وسوف يتكون لدينا حساءاً سحرياً لذيذاً، فوضعت المرأة القدر علي النار امام الكوخ وانتشر بين جميع اهل القرية قصة الحساء السحري وبدأ الناس يتجهون الي الحكيم لرؤيته حجره السحري وهو يتحول الي حساء. وضع الرجل الحجر في الماء ثم انتظر قليلاً وبعد ذلك تذوقه وقال في استمتاع : إن طعمه جميل ولكنه سيكون الذ إن وضعنا به بعض الجزر، التفت الي المرأة وسألها إن كان لديها بعض الجزر فقالت : نعم إن لدي بالفعل بضع جزرات، فأخذها الحكيم ووضعها في الاناء، تذوق الحكيم الحساء من جديد وقال لها : إنه جميل ولكنه سيكون الذ واجمل إن وضعنا بع بعض البصل. لم تجد المرأة لديها اي بصل فتطوع احد جيرانها واحضر بضعة بصلات، ومن ثم قال الحكيم : اريد بعض البطاطس، فتطوع جار ثالث واحضر البطاطس، وهكذا اصبح كل جار يضيف شيئاً جديداً للحساء حتي تذوقه الحكيم في النهاية وقال : لقد اصبح رائعاً الآن. اخذ اهل القرية يتسابقون في تذوق الحساء السحري وقاموا بتوزيعه علي بعضهم البعض، في هذه اللحظة التفتت المرأة الي الحكيم حتي تشكره فوجدته قد اختفي، ولكن اهل القرية قد تعلموا الدرس، فإن كل منهم كان يعاني من الجوع والحاجة الي الطعام بسبب قلة مواردهم وقلة حيلتهم، ولكنهم عندما وظفوا جهودهم ومواردهم وتعاونوا استفادوا وشبعوا جميعاً، ومن يومها صار اهل القرية يضعون قدر كبير وسط الاكواخ وكل جار يقوم بوضع شئ من لديه للطبخ، وهكذا لم تعد القرية تعاني من الجوع والحاجة.